Mariage is a 24 hours job”" الزواج وظيفة دوامها 24 ساعة يومياً،" مثل إنجليزي شهير، ورغم سيادة المفاهيم الغربية بين الشباب، إلا أن هذا المثل الغربي تحديداً والذي يعني بمفهوم الزواج كعمل ووظيفة رفض تماماً من قبل المجتمع، وقد سألت العديد من المراهقات عن طموحاتهم في العمل مستقبلاً، فلم تذكر واحدة منهن أنها تريد أن تتزوج و تكون أسرة أو أن تصبح ربة بيت، و انحصرت الإجابات في العمل كمدرسة وطبيبة ومهندسة ومصممة ازياء...، و عندما سألتهن: "ألا تطمحن بأن تصبحن زوجات و ربات بيوت؟" كانت الإجابة: لقد سألتينا عن العمل وليس عن الزواج مما يعني غياب مفهوم الزواج كأهم عمل يقيم المجتمع. ولأنه لم يعد عملاً فلم يعد أملاً وو لم يعد حلما تطمح إليه الشابات .
فالزوجة التي تقود يومياً مؤسسة كاملة مسئولة فيها عن زوج وبيت وأطفال وأسرة تدبر شئونها نهاراً وتذاكر لأفرادها ليلاً، تهتم بتحضير الطعام وتنظيف البيت وغسل الملابس والترفيه عن أفراد الأسرة والتخطيط لمستقبلهم، تنكر زوجها وأبناؤها لعملها رغم أنها لو أخذت إجازة ليوم واحد، فلربما يلمس الأبناء حجم هذا العمل اليومي الكبير الذي تقوم به الأم، ولكننا للأسف نريدها أن تظل جنديًا مجهولاً شخصيته ومجهولاً عمله، فاسترخص الأبناء هذا العمل ووصفه البعض بأنه عمل الكسالى وأنصاف الموهوبين. حتى قالت لي أحد الفتيات: إن الزوجة والأم في مجتمعنا تحكم ولا تملك، فعملها بدون راتب وأحياناً بدون مصروف وفي أحيان أخرى هي التي تعول البيت. وقالت أخرى: لن أتزوج إلا بعد أن أثبت ذاتي وأحقق نجاحي في عملي، فإذا فشلت عمليًا فسأستسلم لقضاء الزواج و لو أنه dirty work ، في إشارة للأعمال الدونية للزواج ولو أنها ترجمة مهذبة للمعنى الصحيح للكلمة.
فمن المسئول عن جعل الزواج dirty work ومن جعله مهنة من لا مهنة له، ومن أضاع بريق هذا الحلم الجميل لكل فتاة وشاب، حتى ارتفع سن الزواج في أغلب البلدان العربية، فصارالشباب يتزوج في الوقت الضائع، البكر فوق الثلاثين، والشاب يتزوج لأول مرة بعد ملامسته للأربعين ونسي الشباب أن هناك سن محددة للإنجاب، أما التعليم والوظيفة فبإمكان أي سيدة أن تسعى للحصول عليها من المهد للحد.
و تناسى هذا الجيل أن الزواج أهم عنصر مكمل لشخصية الإنسان النفسية والجسدية، ولو تم إهماله على هذا النحو، فسوف يتم الحكم عليه بالفشل السريع والذريع في آن واحد. فهذا البناء المؤسسى الضخم يحتاج بناة شابة فتية تشرع في تأسيسه في سن مبكرة حتى يتسنى لها أن تستمتع بالحياة في كل ركن من أركانه طوال عمر مديد يبنون فيه معاً مستقبلهم ويتشاركون الحياة بكل ما فيها.
و نخلص إلى أن أزمة الزواج ليست أزمة ارتفاع مهور وتكالف تأسيس بيت زوجية ومصاريف فرح و هدايا و شهر عسل فحسب، بل في غياب قيمة هذا الزواج في فكر وحياة جيل جديد، جعل أولويته تحقيق نجاح مادي أو شهرة أو غيره وُغيب عنه أنه بإمكانه تحقيق هذه الأهداف مع شريك يؤازره ويبدأ معه ويسلم لخلفه.
و نقصد بُغيب عنه "هو هذه المحاولات الحثيثة لزرع مفاهيم سلبية عن الزواج لدى الجيل الجديد"، فسقراط ينصح ابنه: تزوج يا بني، فإن وفقت أسعدت، وإلا أصبحت فيلسوفاً" وغيره يقول: إذا أردت أن تبيع حريتك، تزوج " و زينون جعله شراً فقال: الزواج هو الشر الوحيد الذي يبحث عنه. أما توفيق الحكيم فقال: الزواج هو نقلة مفاجئة من التدليل إلى التذليل".
" الزواج هو الترجمة النثرية الجافة لقصيدة الحب" قالها أمين تقي الدين، أما محمد مندور فقال" الرجال يحلمون قبل الزواج و يستيقظون بعده " وأراد رئيف خوري أن ينفر بدوره من الزواج فقال" الحب أعمى لا يستعيد بصره إلا بعد الزواج ". و أمام كل هذه الخبرات المنفرة من الزواج التي يتلقها الشباب المقبل على الزواج لا نجد من الغرب سوى كلمة لبونابارت أنصف فيها هذه العلاقة فقال:" أجل سنن الحياة الاجتماعية الزواج"