صفقـــــــــــــــــــــات

الزواج!!!.. هذا الرباط المقدّس الذي يجمع بين الذكر
والأثنى ليشكلا معاً أهم خلية من خلايا المجتمع. نرمز له بخاتم نلبسه في
أصبعنا. يقال إن هناك خيطاً رفيعاً يربط الخنصر بالقلب ليشعله حباً. يوثّق
الزواج

بعقد تكفله الشرائع السماوية. وفي الآية الكريمة: }ومن آياته
أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها| فالزواج رادع عن الموبقات،
وحافظ للنطف. يحضّ عليه الحديث الشريف: «إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه
فزوجوه».. والبنت تُخطَب لثلاث: جمالها أو مالها أو نسبها. وللأهل دور
كبير في اختيار الزوجة لاعتبارات اجتماعية، توافقية حفاظاً على الأسرة من
الهزات!!.
أما وقد غزتنا العولمة، وتحول العالم إلى سوق كبيرة تعبر
منها مختلف الثقافات والمفاهيم تراجعت القيم وأصبح الزواج عُقدة وليس حلا،
وعزف الشباب عنه لكلفته الباهظة في تأسيس بيت الزوجية، أو لصعوبة في تحقيق
الذات ورسم المستقبل.. وانتفى دور الأهل في النصح والإرشاد، كذلك انتفى
دور الرجل في طلب يد المرأة، فالآية انعكست، الفتاة اليوم هي التي تنتقي
الزوج لاعتبارات مستقبلية قد يكون الحب آخرها، وأولها الاستثمار في رجل
ميسور الحال.. بحيث سرقت الفتاة المنفلتة من الفتاة الرصينة فرصتها.
وبسبب
الأوضاع الاقتصادية ومتغيرات العصر تأخر سن الزواج لذا ودّعت الصبايا سن
العشرين وجلسن تحت أسوار الثلاثينات يحققن ذاتهن بالعمل والعلم وأجلّن
فكرة الزواج. رسمت السنون على وجوههن خطوط الانتظار لفارس يملك الشمس في
يمينه والمجد في شماله ليقدمه لعروس فاقته علماً ومالاً وخشونة. وعندما
طال انتظارهن للفارس الهارب من الزمن الصعب ارتمين لاهثات كسنابل صفراء
مشطها ربيع هارب وكوتها شمس صيف لاهب، كذلك يئس الشاب من فكرة الزواج.
لقد
تحولت نظرة المرأة للرجل مع تحولات العصر ومتطلباته، فما يهمها ليس من هو؟
بل ماذا يملك؟؟.. أما بالنسبة للرجل فلماذا يكبّل نفسه بروابط الزواج
ومستلزماته وأمامه سوق مفتوحة مفضوحة ملونة الأشكال رخيصة البضاعة ينهل
منها ما يشاء؟ حيث أصبحت فتاة الفضائيات مثله الأعلى، ومتى ارتوى لا يهم
بعدها بمن يرتبط، المهم أن يرضي غريزة الأبوة ويضمن خلفته.
على من نضع
اللوم؟ أعلى الفتاة التي أضاعت النبع الذي يسقيها ماء نقياً مجهولاً
بحرّية محصنة بتربية صحيحة؟ أم نلوم الشاب الواقع بين مطرقة الفقر وسندان
البطالة، وسلبيات الحرية المنفلتة!! ونتساءل: ترى كيف يختار؟ والكل مقنّع بألف إزار وقد حجبوا حقيقتهم

وتواروا وراء كل ستار.. سقط الإطار عن لوحة الجدار كما المستنقعات لوثت
نقاء الأنهار. فحلّ ليل الجاهليّة في عزّ النهار، وعجز الكل عن حسن
الاختيار.
ربما لأنهم جاءوا في زمن الانهيار. فمع غياب القيم يصعب الاختيار ويتحول الزواج إلى صفقات!!