ختلف العلماء في حكم هذا النوع من الزواج، ويمكن القول أنهم ذهبوا في هذا إلى قولين:
الأول: القول بالإباحة أو الإباحة مع الكراهة.
الثاني: القول بعدم الإباحة.
القول الأول: القائلون بالإباحة أو الإباحة مع الكراهية وأدلتهم:
من الذين قالوا بالإباحة: فضيلة الشيخ عبد العزيز ابن باز- رحمه الله-
فحين سئل عن زواج المسيار والذي فيه يتزوج الرجل بالثانية أو الرابعة،
وتبقى المرأة عند والديها، ويذهب إليها زوجها في أوقات مختلفة تخضع لظروف
كل منهما. أجاب رحمه الله: "لا حرج في ذلك إذا استوفى العقد الشروط
المعتبرة شرعاً، وهي وجود الولي ورضا الزوجين، وحضور شاهدين عدلين على
إجراء العقد وسلامة الزوجين من الموانع، لعموم قول النبي صلى الله عليه
وسلم: "أحق ما أوفيتم من الشروط أن توفوا به ما استحللتم به الفروج" (رواه
البخاري). وقوله صلى الله عليه وسلم: "المسلمون على شروطهم ". فإن اتفق
الزوجان على أن المرأة تبقى عند أهلها أو على أن القسم يكون لها نهارا لا
ليلا أو في أيام معينة أو ليالي معينة، فلا بأس بذلك بشرط إعلان النكاح
وعدم إخفائه".
ومن الذين قالوا بإباحته أيضاً: فضيلة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله آل
الشيخ مفتي عام المملكة العربية السعودية، ورئيس هيئة كبار العلماء، ورئيس
إدارة البحوث العلمية والدعوة والإرشاد، حيث أجاب سماحته عندما سئل عن حكم
زواج المسيار: إن هذا الزواج جائز إذا توافرت فيه الأركان والشروط
والإعلان الواضح، وذلك حتى لا يقعان في تهمة وما شابه ذلك، وما اتفقا عليه
فهم على شروطهم، ثم ذكر حفظه الله أن هذا الزواج قد خف السؤال عنه هذه
الأيام وقد كان يسأل عنه قبل سنتين تقريباً.
ومن الذين قالوا بإباحته أيضاً: فضيلة الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن
الجبرين -عضو الإفتاء والدعوة والإرشاد بالمملكة العربية السعودية- حيث
قال: " اعلم أن هذا الاسم مرتجل جديد ويراد به أن يتزوج امرأة ويتركها في
منزلها ولا يلتزم لها القسم ولا بالمبيت ولا بالسكنى وإنما يسير إليها في
وقت يناسبه ويقضي منها وطره ثم يخرج، وهو جائز إذا رضيت الزوجة بذلك، ولكن
لابد من إعلان النكاح مع الاعتراف بها كزوجة لها حقوق الزوجات، ولأولاده
منها حقوق الأبوة عليه.
ومن الذين قالوا بإباحته فضيلة الشيخ يوسف محمد المطلق- عضو الإفتاء
والدعوة والإرشاد بالمملكة العربية السعودية- وفي ذلك يقول: "الزواج
الشرعي هو ما تم فيه أركانه وشروطه، وأما الاشتراط بتنازل المرأة عن حقها
في النفقة والقسم فهو شرط باطل، والزواج صحيح، ولكن للمرأة بعد الزواج أن
تسمح بشيء من حقها. وذلك لا يخالف الشرع، وهذا الزواج قد يكون مفيداً لمن
يعيش في ظروف خاصة كأم أولاد تريد العفة والبقاء مع أولادها، أو راعية أهل
مضطرة للبقاء معهم.
أما انفتاحه بهذه الصورة فإني أنظر إليه بالخطورة
القصوى التي قد تعصف بالمجتمع، وكذلك قد يتساهل الناس به مما يسبب العزوف
عن الزواج العادي، ويصير الزواج وكأنه متعة فقط. ولا ننسى أن العقد في
الزواج ليس كغيره من العقود، فهو يتعلق بالأبضاع ومعلوم أن:
(الأصل في الأبضاع التحريم) (وإذا تقابل في المرأة حل وحرمة غلبت الحرمة)
لذا يجب الاحتياط في أمر الزواج ما لا يحتاط في غيره، ولذا تبقى الشبهة قائمة في زواج المسيار، والله أعلم.
القول الثاني: القائلون بعدم الإباحة وأدلتهم:
من الذين قالوا بعدم إباحة زواج المسيار فضيلة الشيخ محمد ناصر الدين
الألباني رحمه الله تعالى حيث قال: إن فيه مضارا كثيرة على رأسها تأثيره
السلبي على تربية الأولاد وأخلاقهم.
ومن الذين قالوا بعدم إباحته أيضاً: الشيخ عبد العزيز المسند، المستشار
بوزارة التعليم العالي بالمملكة العربية السعودية والداعية المعروف
بالمملكة.
وحمل عليه بشدة وأوضح أنه ضحكة ولعبة ومهانة للمرأة، ولا يقبل عليه إلا
الرجال الجبناء، فيقول: "زواج المسيار ضحكة ولعبة.. فزواج المسيار لا
حقيقة له، وزواج المسيار هو إهانة للمرأة، ولعب بها..، فلو أبيح أو وجد
زواج المسيار لكان للفاسق أن يلعب على اثنتين وثلات وأربع وخمس.. وهو
وسيلة من وسائل الفساد للفساق... وأستطيع أن أقول: "إن الرجال الجبناء هم
الذين يتنطعون الآن بزواج المسيار.
ومن الذين قالوا بعدم إباحة هذا الزواج أيضاً: الدكتور عجيل جاسم النشمي،
عميد كلية الشريعة بالكويت سابقاً فهو يرى أن زواج المسيار عقد باطل وان
لم يكن باطلاً فهو عقد فاسد.
واستدل على ذلك بستة أدلة:
1) أن هذا الزواج فيه استهانة بعقد الزواج، وإن الفقهاء القدامى لم يتطرقوا إلى هذا النوع، وأنه لا يوجد فيه أدنى ملمس من الصحة.
2) أن هذا العقد قد يتخذ ذريعة إلى الفساد، بمعنى أنه ممكن أن يتخذه أصحاب
المآرب شعارا لهم، فتقول المرأة أن هذا الرجل الذي يطرق الباب هو زوجي
مسيار وهو ليس كذلك. وسد هذا الباب يعتبر من أصول الدين.
3) أن عقد زواج المسيار يخالف مقاصد الشريعة الإسلامية التي تتمثل في تكوين أسرة مستقرة.
4) أن عقد زواج المسيار يتم بالسر في الغالب، وهذا يحمل من المساوئ ما يكفي لمنعه.
5) أن المرأة في هذا الزواج عرضة للطلاق إذا طالبت بالنفقة وقد تنازلت عنها من قبل.
6) أن هذا الزواج يترتب عليه الإثم بالنسبة للزوج لوقوع الضرر على الزوجة
الأولى، لأنه سيذهب إلى الزوجة الثانية دون علمها وسيقضي وقتاً ويعاشر هذه
الزوجة على حساب وقت وحق الزوجة الأولى في المعاشرة.
وأخيراً قال الدكتور أن هذا الزواج يشبه زواج المحلل وزواج المتعة من حيث الصحة شكلاً، والحرمة شرعاً.