يا إلهي ما هذا كله ؟
لكن الحمد لله ... كان هناك مجموعة من الشباب ... متشابهون في الشكل تماماً ...
ربما توائم يرتدون مثل بعضهم البعض لم أكن من لاحظهم ... بل هم من لاحظوني
فقد كنت الشخص الوحيد المذهول في المكان اقترب مني أحدهم قائلاً :
تفضل ... هذا قاموس لن تجده إلا هنا
... على أرض المطار ... فيه كل معاني الكلام
ستحتاجه كثيراً يا سيدي ... فلا أحد هنا يتكلم بلغتك
احفظه جيداً و صدقني ... الأمر أسهل مما تتصور و لكنه مؤلم إلى حد كبير
و رماه بين يدي
سألته : مؤلم ؟ ... ماذا تعني ؟
رمقني بنظره ساخرة قبل أن يعطيني ظهره راحلاًُ
ناديته : ألا تريد له ثمناً
قال بنبرة لم أفهم مغزاها : بل أنا الذي كان يجب أن أدفع الثمن
ثم اختفى
استندت على أول ركن قابلني ... أقلب القاموس بين يدي ... كان ذا غلاف أسود بلون الليل ليس عليه أية كلمات ... لا عنوان ... و لا اسم الكاتب ولا دار الطبع
تجاهلت ذلك الأمر العجيب فتحته ... و سقط شيء منه على الأرض
تناولته ... فإذا بها حبة مسكنة ... مكتوب على ورقتها : تناول قبل القراءة
وضعتها في جيبي فلم أكن ممن يتناولون أقراصاً لا يعرفونها ..
و قلبت الصفحة
توقعت أن أرى صفحة حرف الألف ... و لكن يا للعجب ... فوجئت بصفحة حرف الطاء
أول كلمة أقرؤها ... طيب : غبي, مختل عقلياً,مسخور منه مضحوك عليه ..ها
لا بد و أن هناك أخطاء مطبعية في هذا القاموس ...
سأقرأ كلمة أخرى بمترادفاتها
ناجح : غشاش ... انتهازي ... يبتز الآخرين ... أناني ... يفعل أي شيء ليحقق
هدفه
فقير : منبوذ ... حثالة المجتمع ... قطعة من حذاء ... وصمة عار ...
مسلم : إرهابي ... سفاح ... شرير ... مخيف ...
رحيم : ضعيف
مغامرة : لعب قمار
شجاعة : تهور
جنة : لاس فيجاس
كريم : مبذر
بخيل : مستثمر ناجح
العلم : تجارة
الفن : تجارة
الاختراعات : تجارة
الرفاهية : تسلق الجبال ... القفز من الطائرات
الحياة : ليس لها أهمية
الموت : مجرد أمر لا نتذكره و لكن لابد منه
سارق نصاب : ذكي
المادة : الحياة
الروح : قصة خيالية
التضحية : انتحار
كلمات قديمة لم يعد لها معنى
حب ... التزام ... انضباط ... نظام ... مسؤول ... رجل ... فارس ... إيثار ...
نبيل
أسرة ... جيرة ... إيمان ...
وطن
وطن
وطن
لم أشعر بنفسي إلا مجنوناً يجري ... يتخبط في الناس بلا وعي ...
بعضهم يصيح : احذر
وآخرون يعتقدونني أهرع لألحق طائرتي
لا يعرفون أني أجري من فرط صداع يجري بين أوصالي
يا إلهي
هل هذا وطن
هل حقاً صار الرجال مجرد دمى تحركها شياطينها
و النساء مجرد أدوات رخيصة
و الأطفال مجرد واجب لا بد منه و ليس أملاً يتطلع لأفق المستقبل
هل صارت الأخلاق شيئاً بلا قيمة
و المال هو المحرك الرئيسي للحياة
آخ
رأسي
لا
لن أعيش هنا
أريد قاموسي ... أريد قاموس أطلانتس
وجدت نفسي أمام الاستراحة ... و زوجتي تقف غاضبة لأني تأخرت
لكني لم أنصت إلى كلماتها العاتبة ... و أمسكت معصمها أجرها و هي تجر عمر
نجري كمن يفرون من وحش مرعب
تصيح : تمهل ... تمهل ... إلى أين نحن ذاهبون ؟
أجد نفسي أصيح بلا وعي : إلى الوطن ... إلى الجزيرة
تقول بيأس : و لكنها غرقت ... صارت تحت الماء
أجيبها : لا يهم ... سنعيش فيها كما عاشت عروس البحر في أطلانتس
عمر : و لكن يا بابا ... نحن لا نستطيع أن نتنفس تحت الماء
!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!
صعقتني جملة عمر ... فتجمدت مكاني ... هل أستسلم للأمر الواقع
وهنا تقدم مني بائع القواميس
قال مبتسماً : واضح أنك لم تأخذ بنصيحتي و تبتلع المسكن لم أرد
استطرد : إنه الواقع أيها السيد ... الواقع الذي نحياه
و لديك ثلاثة اختيارات
إما أن تتعلم القاموس لكي تساير التيار
أو تتعلم القاموس لكي تحارب التيار
أو تترك هذه الأرض و تذهب إلى المريخ
لكن إن أردت أن تبقى هنا ... فعليك أن
تتعلم القاموس