الانتحار حرام هكذا تنص كافة الاديان الدينية وعندما يهدد احد اهله او اصدقائه بالانتحار؟ يكون الجواب الطبيعي الوافي "عايز تموت كافر وتخسر اخرتك".
اجابة رادعة تعيد الصواب الي صاحب التهديد وتجعله يراجع نفسه ويعود الي رشده من جديد فذا كان تعيسا في دنياه فلماذا يحصد التعاسة في اخرته.
ظاهرة الانتحار لم تعد حالة فردية او قصة عاشق ولهان رفض اهل محبوبته ارتباطه بها فقرر اتباع قصص العشاق القدامي وأقدم علي الانتحار كي يذكره التاريخ ويخلد قصة حبه وهو ما ثبت زيفه بعد ذلك لانه لا يذكر الا تندرا او من قبيل السخرية وقلة العقل.
الانتحار الان اصبح منهج وأقرب الوسائل واسهلها للتخلص من المشاكل فبدلا من معاناة الاكتئاب او الفشل في الحصول على فرصة عمل او تعويض الخسائر المالية أو فقدان الوظيفة او الهروب من النكد الزوجي أصبح من السهل ان تتناول مبيدا حشريا او سم الفئران ولو كنت صلبا فعليك باختبار قوة مترو الانفاق وقضبانه الحديدية ام اذا كنت تقليديا فاستخدم الطريقة العشماوية او اذهب الي كباري النيل وما اكثرها في مصرنا.
ارقام مخيفة
الارقام التي أعلنها الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء مفزعة ومقلقة ومزعجة ولك ان تطلق عليها من الالفاظ والمفردات ما تشاء يكفي أن أقول لك ان هناك 104 الف محاولة انتحار بين بنات وشباب مصر خلال عام وأغلبهم من الشباب في المرحلة العمرية من 15 إلي 25 عامًا بنسبة تقدر بـ66.6%.
والمفزع حقاً في هذه الاحصائية ان هذا الشباب وهذه الأعمار ليس من المفترض علي الإطلاق أن يتجه تفكيرهم لإنهاء حياتهم بل علي العكس يجب أن يتجه الي كيفية تكوين مستقبلهم وهناك 11 ألف حالة في مركز السموم انقسموا ما بين 8500 إنثي "بنات وسيدات" و2500 شاب من سكان القاهرة والجيزة نقلوا الى مركز السموم بمستشفى الدمرداش مصابون بحالات التسمم الحاد أثر محاولتهم الانتحار بالمبيدات الحشرية أو المواد المخدرة خلال 12 شهرا.
وهناك 43 الف شخص ذكور وإناث من مختلف الاعمار بمختلف المحافظات في الريف والحضر حاولوا الانتحار بمختلف الوسائل وهناك 54 الفاً اجمالى من حاولوا الانتحار خلال الفترة من يونيو 2008 الى يونيو 2009 تمكن 4 الاف منهم من الانتحار ولفظوا آخر انفاسهم سواء قبل أو بعد اسعافهم بينما تدخل القدر في انقاذ 50 الفا ممن اقدموا على الانتحار.
ومما يؤكد تعاظم وانتشار الظاهرة انه منذ أربع سنوات فقط وتحديداً عام 2005 شهدت مصر 1160 حالة انتحار الا انه ارتفع إلى 2355 في 2006، ثم واصل ارتفاعه إلي 3700 حالة في 2007، ليصل الى 4200 في 2008 ثم يكسر حاجز الخمسة آلاف
منتحر في عام 2009 بمتوسط 14 حالة انتحار في مصر يومياً لنقارب أعلي معدلات الانتحار عالمياً والتي تحتكرها الدول الإسكندنافية ولكن الفارق أنهم هناك ينتحرون جراء الرفاهية المطلقة ونحن ننتحر هنا جراء الفقر المدقع والبطالة والغلاء الفاحش.
هذه الأرقام المخيفة كشفت عنها دراسة صادرة من مركز المعلومات بمجلس الوزراء ضمن عدة دراسات عن جرائم الانتحار في مصر وأسبابها ومسبباتها.
شملت الدراسة الأدوات المستخدمة في محاولات الانتحار منها المبيدات الحشرية أو الأدوية والاقراص المخدرة واكدت ان 66 الفا من الفتيات والشباب الذين حاولوا الانتحار استخدموا هذه المواد كما ان 98% من المنتحرين يعانون امراضا نفسية او عضوية، في حين ان 2% منهم لا يعانون اي مرض وقد انتحروا مختارين.
النساء في المقدمة
وتشير التقارير الي أن محاولات الانتحار بين النساء اكثر منها بين الرجال، وفي الشباب "بنين وبنات" اكثر من الكبار كما ان محاولات النساء دائما ما تتسم بعدم الجدية، حيث يستخدمون وسائل ضعيفة مثل العقاقير والآلات الحادة البسيطة وعادة ما يطلقون رسالة انذار اما الرجال فهم اكثر جدية من النساء عند الانتحار فهم يستخدمون الآلات والادوات الحادة مثل المسدس والمطواة وغيرهما، وعادة فإن الرجال لا يفصحون عن رغبتهم في الانتحار كما ان المستوي الثقافي والعوامل الاقتصادية والدينية تلعب دورا كبيرا في تحديد نسبة المنتحرين ويعد عامل الدين اقوى العوامل في تقليل اعداد المنتحرين.
كما كشف تقرير صادر من مؤسسة ملتقي الحوار للتنمية وحقوق الانسان ان ربات البيوت الاكثر في محاولات الانتحار وان اسباب الاقدام على الانتحار الخلافات الزوجية والظروف المادية للاسرة والفقر وحاجة البيوت.
واضاف التقرير ان اسباب انتحار الرجال هو الفقر والحاجة للمال والبطالة عن العمل او تعاطي المخدرات التي تذهب بالعقول.
ويؤكد احمد علام رئيس جمعية الرسالة لمساعدة المكتئبين والراغبين في الانتحار، ان المركز يتلقي العديد من الاتصالات اصحابها من الجنسين ومن اعمار مختلفة وكلهم يشعرون بالازمة.
ويقول: عدد الذين يتصلون بنا يوميًا 20 شابا، علي الرغم من أن الخط الساخن لا يعمل سوي خمس ساعات يوميا و70% من هذه المكالمات من الشباب و30% منهم من الفتيات.
ويشير احمد علام الي ان اسباب الاكتئاب والسعي للانتحار تتفاوت فما بين 60% منهم يعانون من البطالة علي الرغم من انهم اصحاب مؤهلات عليا، و30% منهم يعانون من الكبت العاطفي، و10% مشاكل اسرية، كما ان بعضهم يعملون في وظائف ولكن دخولهم لا تكفي لمواجهة ارتفاع الاسعار.
ويوضح علام ان الاصغر سنًا اكثر تهديدا بالانتحار، ولكن الاكبر سنًا اكثر تنفيذا له، في حين نجد النساء اكثر تهديدا، والرجال الاكثر تنفيذا ويقدر عدد الرجال المنتحرين بضعف عدد النساء تقريبا، بالاضافة الي ان المتزوجين اقل انتحارا من غير المتزوجين.
كما ان الحالة الصحية والجسمانية لها علاقة مباشرة بالاكتئاب والانتحار فالمرضي والمصابون بأمراض مستعصية كالإيدز والسرطان اكثر اقبالا علي الانتحار وتتراوح نسبتهم بين 15 و18% اما مرضي انفصام الشخصية "الشيزوفرينيا" 10% والمدمنون 15%.